تخطى إلى المحتوى

التشهير في القانون الإماراتي: من المسؤولية إلى التعويض

التشهير في القانون الإماراتي

في عام 2023، شهدت دبي قضية تشهير على وسائل التواصل، بعدما نشر أحد الأفراد صورًا وتعليقات مسيئة ضد آخر، مما أدى إلى أضرار جسيمة بسمعته. الواقعة تسلط الضوء على تزايد حالات التشهير في القانون الإماراتي، خاصة عبر الإنترنت، ومدى جدية الجهات القضائية في مواجهتها.

يُولي المشرّع الإماراتي أهمية كبيرة لحماية السمعة، عبر قوانين صارمة تنظّم جريمة التشهير، وتحدد العقوبات وسبل التعويض للمتضررين. وقضايا متعلقة أخرى يقدمها لك المرجع القانوني الإماراتي في هذا المقال، تابع معنا.

 لحماية سمعتك القانونية في حالات التشهير، انقر زر الواتساب أسفل الشاشة وتواصل مع محامي مختص.

تعريف التشهير في القانون الإماراتي

يُعرَّف التشهير في القانون الإماراتي بأنه إسناد واقعة أو توجيه اتهام أو نشر قول من شأنه الإضرار بسمعة شخص طبيعي أو اعتباري على نحو علني، سواء كان ذلك بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو عبر وسائل تقنية المعلومات.

ويُفرّق التشريع الإماراتي بين السب والقذف والتشهير؛ حيث يكون القذف باتهام شخص بجريمة محددة، والسب بإطلاق أوصاف مهينة دون اتهام صريح، أما التشهير فينصرف إلى نشر هذه الأوصاف أو الاتهامات بصورة علنية أمام الغير، مما يضاعف من أثرها القانوني والاجتماعي.

مثال قانوني: نصّت المادة 373 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 (وتعديلاته حتى عام 2023) على أن:

«يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أسند إلى غيره واقعة من شأنها أن تجعله محل عقاب أو احتقار من قبل الآخرين، وتكون العقوبة أشد إذا وقعت الجريمة بطريق النشر في إحدى الصحف أو المطبوعات أو وسائل الإعلام».

متى يُعتبر الفعل تشهيرًا؟

لكي يُشكّل الفعل جريمة تشهير، يجب توافر العناصر التالية:

  • علنية النشر: أن يتم توجيه الإسناد أمام الغير أو عبر وسيلة عامة.
  • نية الإضرار: أن يكون القصد منه الإساءة أو الانتقاص من السمعة.
  • المساس بسمعة المجني عليه: سواء أكان شخصًا طبيعيًا أم اعتباريًا (كشركة أو جهة).

العقوبات القانونية لجريمة التشهير في القانون الإماراتي

التشهير في القانون الإماراتي جريمة يتناولها القانون بصرامة، ويُفرّق بين التشهير العادي والتشهير الإلكتروني، مع تحديد عقوبات واضحة وفقاً لطبيعة الوسيلة المستخدمة ومدى خطورة الفعل.

التشهير في القانون الجنائي (غير الإلكتروني)

وفقًا للمادة 373 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 (معدَّل بالقانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2021):

  • إذا وقع التشهير شفهيًا أو كتابيًا أمام شخص ثالث، يُعاقب الجاني بالحبس لمدة تصل إلى سنة واحدة أو بغرامة لا تتجاوز 10,000 درهم.
  • إذا وقع التشهير علنًا عبر النشر أو أمام جمع من الناس، ترتفع العقوبة إلى الحبس الذي قد يصل إلى سنتين وغرامة تصل إلى 20,000 درهم أو بإحدى العقوبتين.

التشهير عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي

بحسب المادة 43 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية:

  • يُعاقب كل من استخدم شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية بقصد التشهير بشخص طبيعي أو اعتباري بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 150,000 درهم ولا تجاوز 500,000 درهم.
  • ويُشدّد القانون العقوبة إذا ارتبط التشهير بـ:
    1. صفة وظيفية أو عائلية للمجني عليه.
    2. محتوى عنصري أو ديني.
    3. محتوى يتضمن صورًا أو تسجيلات.

أثر الوسيلة المستخدمة في العقوبة

يوضح الجدول أثر الوسيلة المستخدمة في تحديد العقوبة:

نوع التشهيرالعقوبة المتوقعة
شفهي أو كتابي غير علنيغرامة حتى 10,000 درهم أو الحبس سنة
علني عبر النشرغرامة حتى 20,000 درهم أو الحبس سنتين
إلكترونيغرامة حتى 500,000 درهم وحبس لا يقل عن 6 أشهر

كيف تُرفع دعوى تشهير؟ الإجراءات القانونية والخطوات العملية

تتيح القوانين الإماراتية للمجني عليه في جريمة التشهير سلوك مسارين متوازيين: الشكوى الجزائية أمام النيابة العامة، والدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض. ويجب اتباع خطوات قانونية واضحة لإثبات الواقعة وضمان قبول الدعوى.

  • تقديم البلاغ إلى الجهات المختصة
    1. يتم التوجه إلى مركز الشرطة أو النيابة العامة في الإمارة التي وقعت فيها الجريمة.
    2. يُرفق بالبلاغ ما يُثبت وقوع التشهير: مثل صور منشورات، تسجيلات صوتية، لقطات شاشة، أو شهود عيان.
    3. في حال كان التشهير إلكترونيًا، تُحال القضية إلى وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية.
  • التحقيق وجمع الأدلة
    1. تقوم النيابة العامة بتحقيق ابتدائي، وتستعين بخبراء تقنيين عند الحاجة.
    2. يتم استدعاء المشتكى عليه للاستجواب، وقد يُصدر قرار بمنعه من السفر أو توقيفه مؤقتًا إذا وُجدت مبررات.
  • رفع الدعوى الجزائية أو المدنية
    1. الدعوى الجزائية تُرفع تلقائيًا من النيابة العامة بعد اكتمال التحقيق.
    2. أما الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض، فيجوز رفعها بالتوازي أمام المحكمة المختصة، ويُنظر فيها بعد ثبوت وقوع الجريمة.

يُنصح باللجوء إلى محامي مختص في قضايا الابتزاز والتشهير والتهديد الإالكتروني في الإمارات. لضمان سير مجريات الدعوى بالشكل الأمثل. واستراد حقوقك وحماية سمعتك.

شروط قبول دعوى التشهير

لضمان قبول دعوى التشهير في القانون الإماراتي لا بد من:

  • وجود ضرر حقيقي مادي أو معنوي.
  • أن يكون الفعل قد نُفّذ علنًا أو وُثّق بطريقة تُثبت تعمّد الإيذاء.
  • التقيد بالمدة القانونية للتقادم (لا تتجاوز غالبًا 3 سنوات من تاريخ العلم بالجريمة).

متى تُرفع دعوى تعويض؟

إلى جانب العقوبة الجزائية، يحق للمجني عليه في جريمة التشهير في القانون الإماراتي المطالبة بتعويض مدني عن الأضرار التي لحقت به، سواء كانت نفسية، مهنية، أو مادية. وتُعد هذه الدعوى منفصلة في الإجراء لكنها تستند إلى نفس الواقعة الجنائية.

  • بعد ثبوت وقوع الجريمة بحكم جزائي نهائي، أو بالتوازي مع الدعوى الجزائية.
  • يُشترط إثبات الضرر الحاصل نتيجة فعل التشهير، مع تحديد قيمته وتأثيره.

معايير تقدير التعويض

تعتمد المحاكم الإماراتية على عدة عوامل عند تحديد قيمة التعويض، منها:

  • درجة الضرر النفسي: كالقلق، فقدان السمعة، الانعزال الاجتماعي.
  • الأثر المالي: مثل فقدان وظيفة أو فرص تجارية بسبب التشهير.
  • حجم انتشار الفعل: كلما كان التشهير علنيًا أو واسع النطاق (خصوصًا إلكترونيًا)، زاد مبلغ التعويض.
  • سلوك الجاني بعد الواقعة: هل كرر الفعل؟ هل قدّم اعتذارًا؟ هل حاول إصلاح الضرر؟

مثال على حكم بالتعويض

في قضية نُظرت بمحكمة دبي الابتدائية عام 2022، قضت المحكمة بتغريم الجاني 250,000 درهم تعويضًا لشركة خاصة بعد أن نشر تغريدات مسيئة اتهمتها بالاحتيال دون دليل، مما ألحق بها خسائر في العقود والسمعة.

الأسئلة الشائعة

ليس كل انتقاد يُعد تشهيرًا. إذا كان النقد علنيًا ويتضمّن عبارات مهينة أو اتهامات دون دليل، فقد يُصنّف كتشهير، خاصة إن ألحق ضررًا بسمعة الشخص.
الفرق بين التشهير والسب والقذف في القانون الإماراتي:
1- السب: إطلاق ألفاظ مهينة دون اتهام بجريمة.
2- القذف: اتهام شخص بجريمة معيّنة.
3- التشهير: نشر تلك الأقوال علنًا أمام الغير أو عبر وسائل إعلام.
يجوز التنازل عن الشكوى في بعض القضايا غير الجسيمة، لكن لا يُسقط ذلك بالضرورة الحق العام، خاصة إذا تعلق التشهير بالنظام العام أو تم عبر وسائل إلكترونية.
العقوبة القصوى للتشهير الإلكتروني في الإمارات تصل إلى الحبس لمدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تتجاوز 500,000 درهم، وفقًا للمرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021.
الحرص على عدم نشر أو مشاركة محتوى قد يُسيء للغير، وعدم الخوض في الحياة الخاصة للأفراد، حتى عند وجود خلافات، مع حفظ الإثباتات التي تُظهر حسن النية.

تُعد جريمة التشهير في القانون الإماراتي من أخطر الجرائم المرتبطة بالسمعة في العصر الرقمي، خصوصًا مع سرعة انتشار المعلومات عبر الإنترنت. وقد تعامل المشرّع الإماراتي مع هذا التحدي بتشريعات رادعة لحماية الأفراد والشركات من الأذى المعنوي والمادي.

تبقى الاستعانة بمحامٍ مرخص ومتمرس ضرورة في مثل هذه القضايا، لما تتطلبه من دقة قانونية في التكييف والإثبات والإجراءات.

يمكنك التواصل مع محامي مختص مباشرة عبر اتصل بنا.

تنويه قانوني:
المعلومات الواردة لأغراض تثقيفية ولا تشكّل مشورة قانونية. للحصول على استشارة مخصّصة يُرجى التواصل مع محامٍ مرخص في دولة الإمارات العربية المتحدة.

قد تبحث أيضًا عن: من هو محامي قضايا سب وقذف في الإمارات. و الإجراءات والمعايير الضرورية لاختيار محامي مناسب وتوكيل محامي في الإمارات. ودليلك للحصول على أفضل استشارات قانونية في الامارات.